شرح الاحتيال بطريقة بونزي

        طريقة بونزي هي عبارة عن أسلوب مالي للاحتيال على الناس، تمارس في كثير من الدول، وتلقى نجاحاً كبيراً لدى فئات معينة من الناس، أولئك الذين يبحثون عن الثراء السريع دون جهد كبير أو عناء، ويقع فيها أصناف عديدة من الناس، منهم المتعلم والصغير والكبير، رجالاً ونساء. فما هي طريقة بونزي؟ 

        تعود تسمية الطريقة بهذا الاسم إلى تشارلز بونزي، الذي مارس هذا الأسلوب في عام 1920 في الولايات المتحدة بشكل واسع، واستطاع أن يوقع عشرات الآلاف من الأفراد في شباك جريمته، فاستحق هذه التسمية بجدارة. فكرته لم تكن فريدة من نوعها، بل كانت معروفة منذ القدم، غير أنه نجح في جذب الناس إليها بشكل غير مسبوق، حيث استطاع في بداية الأمر تحقيق عوائد مالية جيدة من خلال المتاجرة بقسائم تستخدم في المتاجرة بالطوابع، عندما كانت الطوابع البريدية تحظى بمكانة مهمة لدى الناس، التي راح ضحيتها كثير من الأفراد. غير أن تشارلز بونزي لم يستطع مواصلة تحقيق العوائد العالية التي وعد بها المستثمرين، الأمر الذي قاده إلى سلك أساليب النصب والاحتيال للاستمرار في تقديم خدماته. هنا تجدر الإشارة إلى أن كثيرا من عمليات النصب والاحتيال لا تنشأ لهذا الهدف بعينه، بل إنها غالباً تكون مبنية على تجارة معينة، غالباً عالية المخاطرة، ومن ثم تتدهور أوضاعها المالية بشكل حاد، فيلجأ صاحبها إلى مختلف الأساليب في محاولة لتعديل أوضاعه، ولا يخلو ذلك من بعض من المكابرة والاعتزاز بالنفس، إلا أن جميع الطرق تقفل في وجه الشخص فيلجأ إلى الاحتيال.

         الحل الذي ينتهجه الشخص المتورط في عملية استثمارية فاشلة يتمثل في قيامه بدفع مستحقات القدامى من المستثمرين من خلال أموال المستثمرين الجدد، وهذه العملية ترضي المستثمرين القدامى وفي الوقت نفسه تجذب مزيداً من المستثمرين الجدد، وبالتالي يستمر في مزاولة تجارته على أمل أن يحالفه الحظ وتتغير أوضاعه المالية. من درَس هذه الطريقة وجد أنها تنجح لعدة أسباب، أولها أنها تعدُ المستثمر بتحقيق عائد كبير بتاريخ محدد، الأمر الذي يغري كثيرا من الناس، خصوصاً عندما يرون غيرهم يحقق العوائد الموعودة، بل إنه في كثير من الأحيان يقوم المحتال بطرح خيار أمام المستثمر عند انقضاء المدة مفاده أن من المكن للشخص أخذ العائد وسحب أمواله أو تركها تنمو بشكل أكبر. وفي الغالب يحبذ معظم المستثمرين ترك أموالهم تنمو، كيف لا وهي تنمو بشكل كبير في فترة قصيرة! بل إن نسبة كبيرة من المستثمرين يقومون "بزيادة" رأس المال لتحقيق ربح أكبر وأكبر. 

       إذاً طريقة بونزي تتمثل في إقناع عدد قليل من الناس للدخول في استثمارات يديرها شخص متمكن وتحقق عوائد خيالية. عندما لا تنجح الطريقة كما هو متوقع، وهو الشيء المؤكد بسبب ضخامة المخاطرة، يستمر المحتال بتحقيق وعوده على حساب المستثمرين الجدد، وتستمر العملية إلى أن يتلاشى عدد المستثمرين الجدد. عندها يحاول المحتال جذب مستثمرين جدد وعندما لا يستطيع يضطر إلى المماطلة في دفع العوائد، ما يوقع الخوف في جموع المستثمرين، وفجأة يجد أمامه عدداً من المستثمرين الذين لا يستطيع دفع عوائدهم، وتصبح العملية شبيهة بظاهرة السحب المفاجئ والكبير للودائع من المصارف. 

لا أطالب بوصاية على الناس وأموالهم، غير أنه لا يمكن تجاهل الواقع الذي يشير إلى ضعف الثقافة الاستثمارية لدينا، كيف لا ونحن لا نجد مادة في الاقتصاد تدرس في مدارسنا إطلاقاً، ولا يوجد هناك دروس عن كيفية الاستثمار وتحديد درجات المخاطرة، والتمييز بين العائد المعقول والعائد غير المعقول.

                                                                                                     مقتطف من مقال ل ذ. فهد بن عبد الله الحويماني
التعليقات
0 التعليقات
شكرا لك ولمرورك